دعايات ولكن !
د مظفر قاسم
أبريل 2014
إنطلقت حملات الدعايات للكتل والمرشحين المعتركة والمتنافسة في إنتخابات العراق 2014 بعد طول انتظار وياليتها لم تنطلق ! ذلك لأنها لم تكن توازي طموح الناخبين والمراقبين ، فهي حملات أقل ما توصف به أنها تلصيقية وترقيعية غير مهنية لا من ناحية المحتوى والمضمون ولا من ناحية صناعة الاعلانات والدعايات التي وصلت مرحلة متطورة في ظل تطور برامج التصاميم والمونتاج الصوري ، دعايات بعضها يحمل أخطاء لغوية وأخرى نحوية وأخرى أخطاء فنية واضحة جدا ، غابت المهنية الحقيقية عن الغالبية المطلقة للدعايات في وقت يتساءل فيه كثيرون ، لماذا يا ترى لم يهتم المرشّح بصناعة الدعاية بالصورة الصحيحة لاسيما أن الدعاية الانتخابية للمرشحين مهمة في لصق إنطباع ٍ ما في ذهن الناخب ، على الاقل أن تُقدَم الدعاية الانتخابية بطريقة لائقة وفيها نوع من الاحترام والتقدير للناخب لا أن تقدم بطريقة رخيصة ومبتذلة علما وحسب المعلومات المتوافرة أن الاعلانات والدعايات الانتخابية صَرفت عليها الكتل والمرشحون مبالغ كبيرة ولكن هذه المبالغ كانت من حصة أفراد وشركات بسيطة لم تقدم المستوى المطلوب والمناسب لقيمة العمل رغم أنهم إستلموا مبالغ توازي ما تطلبه شركات إنتاج فني كبرى ! بمعنى أن أغلب المرشحين أصحاب الدعايات الانتخابية قد خُدعوا (لجهلهم أو لعدم إكتراثهم) من قبل هذه الشركات والافراد ، والمؤلم حقا بأن المرشحين أصحاب الدعايات فرحون بدعاياتهم ويرونها بأنها “جميلة”! رغم أن الدعايات الانتخابية لهذه الدورة للأسف فاشلة تماما من نواحي عدة كالمضمون والاخطاء اللغوية وأخطاء التصميم في المونتاج وكذلك أداء المرشحين فمنهم من كان يتحدث في دعايته وكأنه قد أيقظوه من نومته للتوّ ليسجل دعايته! ، ومنهم من تجنب الكلام في دعايته الانتخابية كي يتجنب الوقوع في الخطأ والاحراج وإكتفى بعرض الصور مع مقاطع غنائية هابطة لا تليق بمن سيصبحوا برلمانيين مشرّعين للقوانين ! . أغلب الدعايات بدت وكأنها دعايات لمطربين ينوون إقامة حفلات غنائية وسهرات ليلية لا لشخصيات تنوي تمثيل السلطة التشريعية لبلد مثل العراق !، دعايات مخجلة لنا كعراقيين وللأسف ، هذا إذا ما علم القاريء الفاضل أن أسعار بث الاعلانات على شاشات الفضائيات العراقية والعربية تراوحت مابين 60 – 100 دولار للثانية الواحدة ، وعلى بعض الفضائيات وصل أكثر بكثير ، بمعنى أذا كانت الدعاية الانتخابية لمرشح ما لمدة نصف دقيقة ( 30 ثانية) فإن سعر بث هذا الاعلان سيكلف من 1800 – 3000 دولار ولمرة واحدة فقط ولك أن تقوم بعملية حسابية بسيطة بضرب المبلغ بعدد مرات البث ، هذا يعني أن صاحب الدعاية الانتخابية قد خصص آلاف الدولارات (ومنهم قد خصص مئات آلاف الدولارات) لكلفة بث الدعايات على الفضائيات فقط ناهيك عن كلفة باقي الدعايات الاخرى مثل اللافتات والملصقات وعلى الصحف والمجلات أو البوسترات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة فضلا عن اللقاءات والمقابلات التلفزيونية والحوارات المدفوعة الثمن ، بذل مرشحون مئات آلاف الدولارات على البث والنشر ولم يفكروا في صناعة الدعاية الانتخابية بطريقة صحيحة وكأن همهم الاول هو فقط الاعلان لكسب الاصوات ، أما قيمة الدعاية وفحواها ومهنيتها وهدفها كل ذلك غائب تماما عن الغالبية العظمى للدعايات ، علما تكاد تكون جميع الدعايات كذلك إلّا أنني بطبيعتي لا أميل الى التعميم، وكان الأحرى بهم أن يخصصوا أقل من ربع المبلغ المخصص للبث لصناعة دعاية حقيقية تتوافر فيها مباديء وشروط الدعاية الانتخابية ليظهر المرشّح بطريقة لائقة كشخص يرشّح لأن يكون في السلطة التشريعية لا في برنامج فنيّ أو غنائي .
كنّا نتمنى أن نشاهد دعايات تليق بالناخبين أولا ً وتليق بالمرشحين أنفسهم ثانيا وتليق بالعراق على الاقل ، إلاّ إنّ مهزلة الدعايات الانتخابية الهابطة أصبحت مقلقة بالنسبة للناخب الذي يتطلع إلى شخصيات تعمل على تغيير الواقع العراقي الى الافضل وليس الى تغيير نحو الانحدار بمستوى هبوط الدعاية الانتخابية والتي تعد واجهة ومرآة المرشّح.! ربما سنقول اللهم إرجعنا الى عراق ما قبل 2014 إنّك قريب سميع مجيب.