مقالات

جديد المرشحين

د مظفر قاسم

١٢ آذار/ مارس ٢٠١٤

يتهافت المرشحون الى الانتخابات التشريعية العراقية لسنة 2014 على ترويج أنفسهم بشتى الوسائل والطرق جاهدين قدر المستطاع كسب أصوات الشعب العراقي المظلوم الذي اذاقوه من هم في البرلمان الحالي إضافة الى سياسيين آخرين خيبات سياسية وإجتماعية وإقتصادية وأمنية وخدمية لأكثر من عقد من الزمن إثر التغيير عام 2003 ، وبهذا سيشارك العراقيون في أول إنتخابات العقد الثاني من زمن التغيير في الثلاثين من نيسان أبريل 2014 ( إن أُجريت في موعدها المقرر ) ، لذا فإن الناخبين العراقيين الكرام أمام فرصة ذهبية لتعديل ما إعوج من حال إذا ما تم انتخاب شخصيات وطنية غير طائفية وغير مأزومة نفسيا وإجتماعيا وسياسيا وفكريا وسلوكيا ! . لكن ما يلفت الانتباه حقا أن المتصفح للبرامج الانتخابية للكيانات التي ستخوض الانتخابات سيجدها ذات البرامج السابقة بحيث تم نسخها ولصقها تماما دون جديد حقيقي وجوهري ملحوظ الّا ما ندر من لمسات خفيفة خجولة أو إجراء إعادة صياغة بعض فقرات البرنامج الانتخابي من خلال فبركة لغوية ليس إلاّ ، لكن حوالي 99 في المئة من البرامج الانتخابية هي ذاتها تماما ، ولذا إبتكر أغلب المرشحين شيئا جديدا في إنتخابات 2014 التشريعية العراقية هذه المرة ، جاء هذا الابتكار الجديد من خلال قراءتهم للواقع العراقي .. جديد المرشحين هذا هو شيء لا يخطر على بال أحد إطلاقا ، حيث سيلاحظ الناخب أن أغلب المرشحين يتحدث عن نفسه وكأنه المنقذ والمخلّص للشعب العراقي دون غيره ، لدرجة سيقوم المرشّح باستحداث صفحة أو آيقونة جديدة على موقعه الالكتروني تحت إسم (المعجزات) ! تضاف الى سائر الايقونات أو الصفحات مثل الصفحة الرئيسية والسيرة الذاتية ومعرض الصور وغيرها ، وبهذا سيتحدث المرشح عن (معجزاته الخارقة) لانقاذ العراق وكأنه (نبيّ مرسل) الى العراقيين لينقذهم من هذا الواقع المرير والمخجل الذي لا يستحقه بلد مثل العراق بطاقاته وثرواته البشرية والمادية والامكانيات والمقومات التي يمتلكها إضافة الى ثقله العتيد ، إبتكار خانة أو صفحة (المعجزات) للمرشحين لن يكون مختزلا على الموقع الالكتروني للمرشح فحسب بل وحتى في المقابلات (مدفوعة الثمن) التي يجريها على قنوات تلفزيونية أو على صحف مطبوعة أو مقروءة على الانترنت بل وحتى في الدعايات الانتخابية التي تغرق الشوارع وتغطي ملامح البنايات ، ما يدفع الناخب الى  توجيه سؤال لكل مرشح  ( ما معجزاتك؟) ! بدلا من أن يسأله عن سيرته الذاتية أو عن برامج الكتل التي لا تُسمن ولا تُغني عن جوع ، هذا الشيء الجديد المبتكر من قبل أغلب المرشحين لم يأت إعتباطا بل أتى لأن المرشّح أيقن تماما أن العراقي بات يبحث عن معجزات لتُخرج العراق من محنته الكارثية … معجزات تسهم في إستتباب الامن وحقن الدماء ، ومعجزات لتوفير وتحقيق أبسط الخدمات ، ومعجزات لتوفير السكن ، ومعجزات لتوفير فرص العمل ، ومعجزات لاعمار العراق ، ومعجزات للتفاهم السياسي ، ومعجزات لوأد الطائفية التي تمزق المشهد السياسي العراقي منذ عام 2003  وانعكست على الواقع المزري وحالت دون تقدمه نحو خطوات صحيحة يستحقها العراق وأهله.

لذا نهيب بأخوتنا الكرام من الناخبين والمراقبين والاعلاميين والصحفيين الكرام بأن لا يستغربوا اذا ما شاهد أحدهم مرشحا ما وهو يتحدث عن (معجزاته) التي تؤهله لخوض الانتخابات ، وسيتبارى مرشحون كلٌّ حسب (معجزاته)  وما على الناخبين سوى إنتخاب المرشح صاحب (المعجزات) الأقوى !. علما أن العراق ليس بحاجة الى معجزات لتغيير حال شعبه بقدر ما يحتاج الى شخصيات وطنية حقيقية وغير طائفية ، أم أن وجود هكذا شخصيات أصبح بحد ذاته معجزة هو الاخر ؟ … رحماك ياربّ !

إعلانات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى