مقالات

الانكسار النفسي

د. مظفر قاسم حسين

١٨نيسان ٢٠١٤

سرعان ما تملّص وكيل وزير الهجرة والمهجرين سلام الخفاجي من تصريحاته بخصوص نقل نازحي أهالي الانبار الكرام الى ” مبنى الدواجن ” في سامراء ! الامر الذي أثار غضب الشارع الانباري وغضب الشرفاء من العراقيين ، إلاّ أن تملـّص الخفاجي لم يتوقف عليه فقط حيث سيجد المتتبع لهذا الموضوع أن كثيرا من المواقع الالكترونية الاعلامية “الحكومية وشبه الحكومية” قد شاركته هذا التملـّص المشين من خلال حذف هذا الخبر من صفحاتها على الانترنت! خاصة بعد أن نفى فقط وجود هكذا اتفاق مع قائمة “متحدون للاصلاح”  إلاّ انه تملـّص من الخبر برمته وشدد على نفي فقط الاتفاق مع القائمة المذكورة.

ولكن بقي خبر نقل نازحي عائلات أنبارية كريمة الى “مبنى الدواجن” في سامراء موجودا على الموقع الرسمي لقائممقامية قضاء سامراء ،لغاية لحظة كتابة هذه الاطلالة ، حيث أكد الموقع الرسمي استقبال قائممقام قضاء سامراء محمود خلف وكيل وزير الهجرة والمهجرين سلام الخفاجي وتمت زيارة ميدانية الى جامع الحمد ثم الى مجمّع دواجن الاجداد للبحث عن أفضل الاماكن لنقل النازحين الذين لجئوا الى المدارس أثناء العطلة الدراسية آنذاك ،وذكر الموقع حرفيّا ما نصّه ” وقال الخفاجي إن نازحي الفلوجة الساكنين في المدارس والذين يقدر عددهم بأكثر من 350 عائلة تم إيجاد مكان بديل لهم في مبنى الدواجن وأوضح أن المباني جديدة ومهيأة ونظيفة ولا رائحة فيها وآمنة ويمكن الاعتناء بها وسنوفر داخلها خياما لهم وكذلك سيعمل الجهد الخدمي على تأهيلها قبيل بدء الدوام الرسمي للمدارس وسيقدم دعم مادي ايضا للنازحين” !!!

إن تملص أي مسؤول في الدولة عن تصريحاته يعد عيبا كبيرا في الاعراف السياسية فضلا عن الاعراف الاجتماعية وكان الاجدر بالسيد الخفاجي أن يقدّم اعتذارا واضحا وصريحا عن تصريحاته تلك وأن يجد مبررا أكثر اقناعا من التملـّص المعيب ، ثم كيف نسي سلام الخفاجي أن المجتمع العراقي ذو قيم عربية أصيلة ترفض هكذا أفعال مشينة؟ وكيف لم ينتبه من في الحكومة الى هذا الامر ؟ هل يقبل السيد الخفاجي أو أي مسؤول في الحكومة أو أي عراقي من الموصل الى البصرة أن يضع عائلته في مبنى مخصص للدواجن ! هل عجزت الحكومة عن ايجاد بدائل كريمة تليق بالنازحين العراقيين كمجمعات سكنية مثلا أو نصب كرفانات مخصصة للسكن أو على الاقل نصب خيام كريمة خلال أيام عدة؟ .

لقد سبب تصريح سلام الخفاجي “إسكان النازحين من الانبار في مبنى الدواجن بسامراء” انكسارا نفسيا مضاعفا للنازحين وانكسارا نفسيا للشرفاء من العراقيين الذين لا يرضون لاي مواطن عراقي أن يوضع في “مبنى للدواجن” ! حيث يفسّر بأنه نوع من أنواع الاذلال والانكسار النفسي والمعنوي يبقى متأرجحا بين المقصود تارة وتلك كارثة فعلا حيث أن الخفاجي فضّل التملـّص على الاعتذار الرسمي ، وبين غير المقصود تارة أخرى الاحتمال الضعيف لعدم مواجهة هذا الامر المعيب بالاعتذار لاهالي الانبار الكرام .

إن مصير أي أزمة الزوال .. ولكن المواقف لن تزول وتبقى موصومة على جباه أصحابها ولا يرحض عنهم عارها إن كانت مواقف مشينة ومعيبة.

ليس عيبا أن نخطئ  فنحن بشر وغير معصومين عن الخطأ ، ولكن العيب كل العيب أن نتملـّص من أخطائنا ولا نعتذر عنها لنكسب الفضيلة على الاقل … وإلاّ أين شيم الرجال؟!

إعلانات

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى